يتم تعريف عدم المساواة الاجتماعية بشكل عام الي عدم مساواة رأسية وهي عدم المساواة بين الافراد والاسر بشكل فردي، وعدم مساواة افقية وهي التي تحدث بين المجموعات المحددة سواء ان جاء تقسيمها على اسس مناطقي او جهوي او اثني او غير ذلك. -١
من اكبر المشاكل التي نواجهها في السودان هي انتشار عدم المساواة بنوعيها بشكل ضخم، وبسبب مشاكل اجتماعية وسياسية هيكلية فكلا النوعين منتشرين في السودان ويغذيان بعضهما. وهذه واحدة من التحديات التي ستواجه ولاة الحكم المدني ومعالجتها او البدء فيها ينبغي ان تتصدر اولويات مهامهم-٢
النظر الي الاحصائيات يعكس واقع صادم،فالصورة الكلية لمعدل الفقر، تعكس ان ٧٠٪ من سكان شمال دارفور يعيشون تحت خط الفقر، مقارنة ب٣٠٪ في الخرطوم وتبلغ نسبة الفقر في الريف ٧٥٪ مقارنة ٢٦.٥٪ في المناطق الحضرية. هناك تفاصيل اخرى كثيرة عن حدة الفقر وpoverty gap ولكن لا تخرج عن نفس الصورة.٣
هذه الصورة الكارثية للفقر وتوزيعه في السودان مرتبطة بشكل كبير بالتغييرات الاقتصادية والسياسية التي حدثت خلال العهد البائد. قام الكيزان باهمال قطاع الزراعة الذي كان يساهم ب٦١٪ من الناتج القومي الاجمالي وتحويل الاهتمام الي النفط الذي وصلت نسبته الي ٨٠٪ من الصادرات الوطنية في ٢٠٠٢-٤
ادى ذلك الي اهمال المناطق الريفية الزراعية المنتجة بشكل كبير واستفحال صراعات الرعاة والمزارعين حول الموارد نتيجة لتفاقم شح هذه الموارد كنتيجة لهذا الاهمال.- ٥
لم يتم استخدام موارد النفط في استثمارات تنموية طويلة الامد، لعدة اسبابا منها الفساد الذي ضرب عقود النفط (الداخلية والخارجية)، واستخدام هذه الموارد بشكل سياسي في الرشى السياسية والتمكين، وسد عجز الميزانية السنوية المتضخمة بسوء الادارة السياسية واعتماد الحلول والوقتية للمشاكل-٦
بالنسبة للفقر الغذائي الذي يقدر خطه في السودان ب١٧٥١ كيلوكاليري يوميا، يتفاوت بين ٤٤٪ في البحر الاحمر وشرق السودان بينما يبلغ معدله ١٥٪ في الجزيرة ونهر النيل.ويمثل الغذاء البند الاكبر في منصرفات الاسر السودانية بمتوسط ٦١.٦٪ من دخل الاسرة، وتنخفض هذه النسبة بارتفاع الدخل الكلي. -٧
متابعة للسابق: تمثل نسبة الصرف على الغذاء حوالي ٧١.٥٪ من دخل الاسر في الربع الاكثر فقرا، بينما تمثل ٥٧٪ من صرف الاسر في الربع الاكثر دخلا في السودان. وهو عامل جديد يعكس غياب نظم الحماية الاجتماعية الفاعلة ففئات الاكثر فقرا في السودان خلال العهد البائد -٨
وضع الخدمات الاجتماعية يعكس الصورة الاكثر فجاعة لعدم المساواة في السودان، حيث تتركز بشكل اساسي في مناطق الحضر الوسطية بينما تعاني مناطق الريف والاطراف من تجاهل متزايد. عدد الاسرة الطبية لكل ١٠٠ الف في جنوب دارفور ٣١ سرير بينما يبلغ ٢١٨ سرير في الشمالية و١٥٣ سرير في نهر النيل -١٠
التعليم: يوجد معلم واحد مقابل كل 20 طالب في الشمالية ومقابل كل 21 في نهر النيل و27 في الخرطوم و29 في الجزيرة، بينما يوجد معلم لكل 79 في جنوب دارفور ومقابل كل 50 في شمال دارفور و45 في غرب دارفور. وكذلك الوضع بالنسبة لعدد المدارس-١١
نسبة المواطنين الذين يمكنهم الوصول الي المياه الصالحة للشربة تتفاوت بين 80.7% في سنار و80.3% في الولاية الشمالية و79.4% في الخرطوم و77.9% في الجزيرة و73.8% في نهر النيل لتصل الي 33.1% في البحر الأحمر و37.3% في القضارف و39.6% في غرب دارفور وحوالي 40% في النيل الأزرق.-١٢
خدمات الصرف الصحي تغطي نسبة 83% من المواطنين في نهر النيل بالمقارنة مع حوالي 10% فقط في ولاية النيل الأزرق و14% في ولايتي شمال دارفور وغرب كردفان -١٣
٨١٪ من الإنتاج الكهربائي للبلاد يتم استهلاكه في الخرطوم والجزيرة ونهرالنيل لصالح ٣٣.٥٪من السكان، وولايات شمال دارفور وغرب دارفور وسط دارفور وشرق دارفور وجنوب دارفور وجنوب كردفان وشمال كردفان وغرب كردفان والنيل الأزرق مجتمعة تستهلك اقل من 4% من انتاج الكهرباء ويقطنها ٤٠٪ من السكان
يمكن الاستمرار في استعراض اوجه عدم المساواة بين مناطق السودان المختلفة الي ما لا نهاية، ولكن الضروري الانتباه له هو مهام النظر الي هذا التفاوت المادي بشكل أساسي في سياق محاولة إيجاد حلول للمعضلة السودانية وانتشال النقاش فيها من التجريدات النظرية الي التنمية المادية الحقيقية.
لمزيد من التفاصيل حول موضوع نقاش عدم المساواة في السودان ، يمكن مراجعة هذه الكتابة المطروحة منذ مطلع ٢٠١٩.
http://sudanseen.blogspot.com/2019/03/blog-post.html?m=1
http://sudanseen.blogspot.com/2019/03/blog-post.html?m=1